Thursday, June 4, 2009

خواطر حول خطاب أوباما في القاهرة



ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابه الذي لم يمل المراقبون من وصفه بـ "التاريخي"، وقد كنتُ ساعتها في الحمام (آخد الشاور بتاعي)، ولكن بحكم مهنتي التي تحتم عليَّ متابعة مثل هذه الأحداث "التاريخية"، فقد رفعتُ صوت التلفاز -بما لا يوقظ حبيبة ابنتي- واستمتعتُ إليه
أول ما أثار انتباهي هو التصفيق الحاد الذي كان ينطلق بعد كل إشارة أوبامية إلى نص قرآني أو نبوي، ما ذكرني بحلقات (راجل وست ستات)، وقبله صورة فضيلة شيخ الأزهر وهو يجلس بجوار سيدة غير محجبة، وخلفهما المفتي الشيخ على جمعه وبجواره زقزوق.
وكان لافتًا أيضًا ابتداء أوباما بقوله (السلام عليكم) باللغة العربية، وتركيزه على النصوص القرآنية والتوراتية والإنجيلية، وإن كان هذا لم يفاجئني فقد قرأتُ كثيرًا حول ما كُتب عن الرجل
أكثر ما أزعجني في خطابه كانت تلك الإشارة -التي لم يكن بإمكانه تجبنها، وإن بدت خارج السياق- التي أكد فيها على عمق العلاقات بإسرائيل، وتجاهله لمجزرة غزة الأخيرة، دون أدنى إشارة
أما ارتجال الرجل، وعدم استعانته بورقة طيلة خطابه الذي استغرق 45 دقيقة تحدث خلالها حول محاور سبعة، فقد أثار إعجاب الكثيرين، ولا غروَ فبروتوكولات الخطابات في الغرب تختلف عن بروتوكولات الخطابات عندنا نحن العرب، حيث تعتمد الأولى على الارتجال وعدم الاستعانة بكلمات مكتوبة، ولذا تجد الرؤساء هناك يتدربون على هذه المهمة، متى يبتسمون، ومتى يبدون جادين، ومتى يتوقفون ومتى يستطردون ومتى يختصرون وكيف ينظرون، إلى غير ذلك من الملامح الدقيقة، أضف إلى ذلك الكاريزما التي يتمتع بها الرئيس أوباما، وقد تطرق الدكتور عصام العريان إلى هذا الجانب من شخصية الرئيس الأمريكي في مقال له تحت عنوان (عاجل... إلى باراك أوباما)، وهي رسالة أنصح بقرائتها أيضًا
طبعًا الرئيس الأمريكي تناول طعام إفطاره في القاهرة فور وصوله، وهذا عادي لأننا شعب كريم، ولا أحد يستطيع الجدال في هذا، لكن الغير عادي هو أن إفطار الرئيس الأمريكي كان فطير مشلتت وعسل أسود وفول وطعمية، وقد استغرق الإفطار 40 دقيقة وصف أحد من حضروا الأفطار الرئيس أوباما بأنه كان يأكل بشهية خلالها
لن أخوض كثيرًا في تحليل الخطاب، لأننا سئمنا الكلام ، الذي كنا ننتظر من الرجل أكثر منه، وعلى حد قول صديقي العزيز أ. مصطفى عبد الجواد: أوباما ما عملش ببنزين الطيارة التي جاء بها، ربما بالنسبة لنا، أما بالنسبة له فقد لمَّع نفسه وأضاف نقطة لصالحه وبلاده
لكنني أرى أن الرجل واقع بين فريقين كلاهما ظلمه، الأول: يرى أن أوباما المسيح المخلص، والآخر يراه أكبر مقلب سيقع فيه العرب والمسلمون. وهو نفس الانقسام الذي وقع فيه الإسرائيليون بعد الخطاب
هذا التطرف في الآراء (سلبًا أو إيجابًا) يجعلنا -وإن كنا كذلك بالفعل- في موضع المفعول به دائمًا، ولا يعطينا فرصة استغلال الفرص، ومحاولة تغييرهذا الواقع المزمن
أرى أننا نضع البيض كله في سلة واحدة (سلة أوباما)، وفي حالة فشل الرجل في تحقيق وعوده، سنكون بالفعل قد شربنا أكبر مقلب في التاريخ الحديث
وفي هذا السياق أنصح بقراءة رسالة أوباما للعرب، ولو ذوقك الفني كويس ممكن تبحث عن رسالة شعبولا في هذا الشأن، والتي يقول في مطلعها:
أنا شايف الإبتسامة والفرحة ع الوشوش اياك بارك اوباما ما يكونش زي بوش
مين يعرف ولا يعلم في ايه جوه النفوس بلاش من بدري نحلم لا يكون الحلم كابوس
لا بأس أن نعوِّل على بعض التغيير، لكن أن نجلس وننتظر من يخلصنا، فهو العجز بعينه، وإن لم يكن فما هو؟
Maximum كما أرى أن الـ
الذي يعد به أوباما
Minimumيوازي الـ
الذي نرغب في تحقيقه
وأوضح فأقول: مبلغ ما وعد به أوباما هو العمل لتحقيق حل الدولتين، وهذا وإن كان جيدًا تكتيكيًا إلا أنه لا يصلح أن يكون استراتيجية نهائية، فكامل أرض فلسطين لنا ولا يمكن لأي كان التفريط بشبر واحد منها، يعني ممكن نوافق على حل الدولتين باعتباره حلا مؤقتًا مرحليًا، لا بوصفه حلا نهائيًا، وإلا نكون قد فرطنا في دماء كل الشهداء الذين رووا بدمائهم هذا الثرى الطاهر منذ 1948
ربما يكون لنا إطلالة أخرى في هذا السياق
الآن سأترككم تستمعون بالخطاب من موقع البيت الأبيض

0 comments:

Followers

Followers

Pages


Blogger Templates by Isnaini Dot Com. Powered by Blogger and Supported by Urban Designs