Monday, August 3, 2009

هل بلغتَ القلتين؟



يقول أهل الفقه إن "الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث"، ويقول أهل الحكم على الرجال إن المرء إذا بلغ درجة الفضل تغفر له بعض هنَّاته
لذلك حين تحكم على شخص، مع العلم أننا لسنا قضاة، اجعل نظرتك له شاملة وعادلة، ولا تنظر له من زاوية واحدة

وإياك ثم إياك أن يعميك الغضب عن فضائل أهل الفضل، أو تنسيك بعض سقطاتهم أياديهم البيضاء

يوزن الإنسان بحسنة وقبيحه فأيهما رجحت كفته كان أهلا له، ولا يوزن المرء بموقف أو كلمة أو مجرد حدث عارض

إذا أخطأ أحدهم فلا تسارع بمحوه من ذاكرتك، وشطبه من قاموس معارفك، بل زِن أفعاله، وقيم أقواله إجمالاً، فلربما كانت سقطة عابرة، أو خطئًا عارضًا

قال ربي:"وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [المائدة:8

وفي المقابل إذا أحسن أحدهم فلا تغتر بحسن صنيعه، وترفعه فوق السحاب لمجرد موقف وقفه، بل تريث وتمهل فما هكذا يوزن الرجال
إذا كان الأمر كذلك فأحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
استمع بأذن قلبك إلى الإمام الذهبي صاحب القول الذهبي، حيث يقول في سير أعلام النبلاء:(إن الكبير من أئمة العلم إذا كثُر صوابه، وعُلِم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهَر ذكاؤه، وعُرف صلاحه وورعه واتِّباعه، يُغفر له ذلك، ولا نُضلله ونَطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك) سير أعلام النبلاء (5/271

هل تعلم عمن كان يتكلم، ومن كان يقصد بحديثه ؟

كان يتحدث عن واحد ممن كانوا يرون القدر - نسأل الله العفو والعافية - ومع ذلك تجده يقول عنه: (ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه. ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل
هونًا أخي، فما هكذا تورد الإبل؟

عذرًا إخوتي، فما أحوجني/ أحوجنا لهذه الموازين
فمن الناس من إذا أحب شخصًا تغاضى عن جميع أخطائه! ومنهم من إذا أبغض شخصًا تغاضى عن جميع حسناته! وكلاهما على خطر عظيم! والسلامة في الحالتين: أن تكون مرآة حبك وبغضك صافية، غير عمياء
نعم الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث، لكن ذلك مشروط بعدم تغير لونه وطعمه ورائحته،فإذا تغير منه ذلك حمل الخبث ولا ريب!فاحذر أيها الفاضل أن يتغير منك ذلك
هل بلغتَ القلتين؟! أم أنك مشغول بقياس غيرك، وتقويمهم، وتقييمهم؟
كانت هذه همسة... لنفسي

تحية بتركيز

0 comments:

Followers

Followers

Pages


Blogger Templates by Isnaini Dot Com. Powered by Blogger and Supported by Urban Designs